.

أتظنُ أنٌك قد طمستَ هويتي
ومحوتَ تاريخي ومعتقداتي

عبثاً تحاولُ لا فناءَ لثائرٍ
أنا كالقيامةِ ذاتَ يومٍ آتِ


2015-06-29

قصة مقتل الامام الحسين بن علي عليه سلام الله

بسم الله الرحمن الرحيم 

الامام ابي عبدالله الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام والرضوان

قام الامام ابو عبدالله بأمر الامامه بعد اخيه مولانا الحسن واعتقد امامته المؤمنون وبايعه المخلصون من شعيته وشيعة ابيه واخيه سراً وقد ذكر من فضائله وفضائل اخيه عليهما السلام عن النبي عليه واله السلام الكثير وما خصمها به من الشرف العظيم كما قال هو احد الفرقدين ، لانه روي عن النبي صلوات الله عليه واله انه قال : " اطلبوا الشمس ، فإن غابت فاطلبوا القمر ، فإن غاب فاطلبوا الزهرة ، فإن غابت فاطلبوا الفرقدين " فكنى نفسه صلوات الله عليه واله بالشمس لظهور أنواره وعموم هدايته وقد كنى الله عزوجل بالسراج المنير بقوله تعالى : ( يَا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً * وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاُ منيراً ) . الاحزاب 45/46 .

فإذا كا النبي صلوات الله عليه واله الشمس ، كان القمر وصيه ، والزهرة فاطمة بنت الرسول ، والفرقدان السبطان هم الذين تنظر بهم ثواقب العقول الى معالم الاخره وما اعد الله من الثواب للمحسنين وقدره تعالى في السماوات الغائبه عن العيان كما قال بعض الصالحين : اصبحت كأني ارى اهل الجنه في الجنه واهل النار في النار .

ومن ذلك قول النبي صلوات الله عليه واله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم .

قالت المعتزله والمرجئه إن افضل الصحبه صحبة من دخل الغار حين اخاف الكفار . وقد قدمنا قل علماء الشيعه ان دخول الغار بالمثلبه اشبة من المنقبه ، اذ وقع معه الحزن الذي نهاه عنه رسول الله صلوات الله عليه واله ، ولم يكن نبي ينهى الا عن المعصيه والخلق المذموم . واعظم من ذلك انه حرم السكينه أذ نزلت على الرسول صلوات الله عليه واله ومنعها . وقد قال تعالى في موضع اخر في كتابه : ( فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ) . الفتح 26 .

واتوا في ذلك بحجج كثيره وقالوا ان افضل الاصحاب علي ابن ابي طالب عليه السلام الذي صحب رسول الله صلوات الله عليه واله في اللوح المحفوظ وصحبه في ساق العرش حين نظر ادم اليه مكتوب : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ، أيدته بعلي . فتلك الصحبه النافعه والطريقه الواضحه . واصحاب النبي حقا هم الائمه من ذريته الذين صحبوه على اقامة شريعته وهداية اهل ملته . فكان امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام والحسن والحسين أفضل الصحابه وخير القرابة .

 

فلم يزل الامام الحسين بن علي عليهما السلام كاظما لغيظه متجرعاُ لغصته يرى من معاويه واصحابه الاذى وينظر ظلمهم لشيعته واهل بيته بعين ذات قذى أيام معاوية بن ابي سفيان ، وحتى اذا انقضت ايامه وأتاه حمامه تناهى بهم الظلم وجحود اهل الفضل الى ان قصدوا لأولاد رسول الله صلوات الله عليه واله بالقتل ، وتألب اهل النفاق على اهل بيت الرسول صلوات الله عليه واله يتظاهرون ويريدون ان يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون .

وتابتعهم الامه الخاسره متناهين بعد ظلم اهل بيت نبيهم الى القتل واظهر اولوا الاضغان ما اكنوه للرسول الاعظم صلوات الله عليه من العدوان والغل .

وكان موت معاويه وقبام ابنه اللعين سنة 60هـ وكان عمره خمساً وسعبين سنة .

فلما انتهى علم معاويه الى المدينه وعليها مروان ابن الحكم وسعيد ابن العاص عاملان لمعاويه فدهوا الناس الى المبايعة ليزيد .

فقال سعيد بن عمرو عن بشر بن غالب انه قال : كنت يوماً جالساً عند الحسين بن علي عليه السلام اذ اتاه رجل فقال يا ابا عبدالله سمعت رجلاً يبكي لموت معاويه فقال عليه السلام : لا أرقى الله دمعته ولا أخرج همه ولا كشف غمه ولا سلى حزنه . اترى ان يكون بعده من هو اشر منه ؟

تربت يداه وفمه ؟ أما والله لقد اصبح من النادمين .

ثم ان امير المؤمنين الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام لما رأى تغلب الظلمة وتدوالهم للملك ومصير الاسلام الى سفهائهم وغلمانهم من صبية النار والاوالد الفجار وبقية لعنة الله ولعنة رسوله ، ابناء الاحزاب ، وبقية الكفار ، وغضب لله وللاسلام ، وعزم على القيام استنجازاً لوعد الله وما كتبه من الفوز بالشهادة ، واعد له من الزلفى والسعادة مع علمه بما يرتكب الطاغون ويناله من اعداء الله الضالون المظلون .

لانه قد علم ذلك من غير واحد من الناس بما سمعوه من رسول الله صلوات الله عليه واله كيف وهو عيبة علم النبي والوصي وإمام كل تقي .

فأمتنع عليه السلام عن البيعة ليزيد ، واجتمع اليه شيعته واهل بيته وجاءته كتب اهل الكوفه يسألونه القدوم عليهم والوصول اليهم ووعدوه أن ينصروه ويعينوه على دفع الظلم عن الاسلام ويؤازروه .

فأصدر اليهم ( اعظم سفير في تاريخ البشريه)  ابن عمه مسلم ابن عقيل عليه السلام لكي يذكرهم بفضله الذي هو اهله ، ويدعوهم اليه . فقدم مسلم ابن عقيل عليه رضوان الله الى الكوفه مستتراً غير مظهر امره ،واجتمع عليه اهل الكوفه واخذ عليهم البيعة للإمام الحسين ابن علي عليه السلام وبلغ ذلك النعمانبن البشير الانصاري وهو عامل يزيد اللعين على الكوفه فقال : ابن بنت رسول الله خير لنا من ابن بنت بجدل .

وامسك يده ولم يعترض بشئ ، وتكاثر الشيعة واجتمعوا على البيعه ، وبلغ ذلك يزيد اللعين فكتب الى عبيد الله بن زياد : إني قد وليتك الطوفه والبصره واستعملتك عليها فبادراليها قبل ان يصلها الحسين بن علي فإن صار بها مسلم ابن عقيل فاقتله .

فأقبل ابن زياد في خروجه بأهل البصره حتى اتى الكوفه متلثماً متنكراً وظن اهل الكوفه انه الامام الحسين عليه السلام فما مر بملأ منهم الا قالوا عليك السلام يا بن رسول الله فلم يزل كذلك حتى انتهى الى قصر الامارة . وفيها النعمان ابن بشير فقال النعمان وهو يظنه الحسين عليه السلام : ما حملك على نزول بلدي من بين البلدان يا بن رسول الله ؟ فحسر عبيد الله ابن زياد عن لثامه وقال : لقد طال نومك يا نعمان ففتح له النعمان باب القصر عندما عرفه .

وكان مسلم ابن عقيل رضوان الله عليه في دار رجل يقال له عوسجة . فحيندخل ابن زياد الى الكوفه تحول مسلم الى دار هانئ ابن عروه المرادي وخفي امره عن عبيدالله بن زياد .

واراد بن زياد ان يعلم علمه ، فدعا مولى له واعطاه ثلاثة الاف درهم وقال : اذهب فأسأل عن الرجل الذي يبايعه اهل الكوفه واعلمه انك من شيعته واعطه المال ليتقوى به وائتني بأخباره .

فلم يزل ذلك المولى اللعين يتلطف حتى دخل على مسلم بن عقيل عليه رضوان الله وعنده هانئ ابن عروة فبايعه ودفع المال اليه ونافق له واراد المودة لاهل البيت عليهم السلام .

وكان يأتي عبيد الله بن زياد بما يطلع عليه من اخبارهم وعرّفه مقام مسلم في بيت هانئ ابن عروة .

فأرسل ابن زياد محمد بن الاشعث الى هانئ ابن عروة فأتاه به فلما نظر اليه ابن زياد قال له : يا هانئ اين مسلم ؟ قال لا ادري . فاء مولى زياد الذي اعطاه المال فقرر عليه مقام مسلم عنده . فلما رأه هانئ اسقط في يده وقال ما دعوته وانما جاء فرمى بنفسه في منزلي .

وكان مسلم قد تحول من منزل هانئ ابن عروة حين طلبه ابن زياد . فقال ابن زياد لهانئ ائتني بمسلم وعندي لك الصله والمكانه عند امير المؤمنين يزيد . فقال هانئ والله لو كان مسلم تحت قدمي ما رفعتها ، فضربه ابن زياد بقضيب فشجه . ومالى هانئ الى سيف شرطي ليأخذه فدفع عنه .

وكانت مذحج قد اجتمعت على باب القصر لاجل هانئ فاخرج اليهم القاضي شريحاُ فشهد بسلامة هانئ وانه لا يصل الشر اليه فتفرقوا .

وبلغ مسلم ما فُعل بهانئ ، فأمر مناديه فنادي بشعاره فإجتمع اليه اربعة الالاف من اهل الكوفه فعبأهم وسار الى القصر . وكان عند ابن زياد وجوه اهل الكوفه فقال لهم : قوموا ففرقوا اصحابكم والا ضربت اعناقكم . فخرجوا اليهم فخوفوهم وردو جموع الشام ولم يزل كل بصاحبه حتى اذا كان الليل تفرقوا عن مسلم وبقي وحيد لا يدري اين يسلك ولا يعلم حيث يذهب . ووجد عجوزاً فاستسقاها ماء فسقته وقلات من انت ؟ قال: انا مسلم ابن عقيل ، فأدخلته بيتها وخباته في مخدع عندها .

واصبح عبيد الله يبحث عنه ويبذل الرغائب لمن اتاه بخبره وكانت العجوز التي خبأته أم مولى لابن الاشعث ، فإطلع ابنها على علمه وانطلق الى سيده يخبره فأعلم ابن الاشعث ابن زياد لعنهما الله . وامر ابن زياد ابن الاشعث في جمع ولم يشعر مسلم بذلك حتى احاطوا بالدار فخرج عليهم رضوان الله عليه كالليث المغضب ، فقاتلهم ملياُ من النهار ودافعهم وقتل منهم جماعة وارسلوا الى ابن زياد يطلبون المدد من الجنود فاستغرب فقيل له انك ارسلتنا الى اسد هصور ، فأرسل اليهم مزيداً من الجند فلا زالو به حتى قتل منهم جمعاً كثيرا وعندما لم يقدروا عليه قاموا برميه بالحجاره الى ان كسروا ثناياه فحين علموا أن لا طاقة لهم به فقالوا : هل لك في الامان . وآمنه ابن الاشعث على ان يخرج من الكوفه وينطلق الى الحسين عليه السلام . واتوا به نحوا عبيد الله ابن زياد فأمر لعنه الله به فأٌصعد الى اعلى القصر وضرب عنقه الشريفه وعنق هانئ ابن عروة رحمها الله وطرحا من اعلى القصر ثم أمر بجثتيهما فصلبا في الكناسه .

وبعث ابن زياد الى يزيد لعنهما الله برأس مسلم وهانئ رحمهما الله . وكان رأس مسلم اول رأس هاشمي حمل في الاسلام .

وكان الامام الحسين عليه السلام قد بعث قيس بن مسهر الى مسلم ابن عقيل ليعمله ما فعل فوجده قد قتل ، وانتهى علم ابن مسلم الى ابن زياد اللعين فأخذه أسيراً وقال  له قم في الناس واخطب واشتم الكذاب ابن الكذاب يعني بذلك مولانا الحسين بن علي عليهم السلام . فقام ابن مسهر على المنبر وقال : ايها الناس اني تركت الحسين بن علي بالحاضر وانا رسوله اليكم لتنصروه ، فلعن ابن مسهر الكذاب ابن الكذاب عبيد الله ابن زياد . فأمر ابن زياد فطرح من القصر فمات رحمة الله عليه .

واما خبر مسير امير المؤمنين ابي عبد الله الحسين بن علي عليهم السلام فإنه لم يرسل مسلم ابن عقيل رضوان الله عليه ولم يُسر اليهم حتى تواترت عليه كتب من اهل الكافه يعدونه النصره ويحثونه على القدوم عليهم وكان ممن كتب اليه سليمان بن صرد والمسيب بن نجيه الفزاري ووجوه اهل الكوفه وكان فيما كتبوا اليه : يابن رسول الله وابن وصيه ، انه قد فشا فينا الجور وعمل فينا بغيركتاب الله وسنة رسوله ونرجوا ان يجمعنا الله بك على الحق وينفي عنا الظلم ، فأنت أحق بهذا الامر من يزيد الذي اغضب الامه فيئها وشرب الخمور ولعب بالطنبور وتلاعب بالدين فأرسل اليهم مسلم ابن عقيل .

وخرج الحسين علليه سلام الله ليلة بيعة الناس ليزيد حين بلغ موت معاويه من مدينه الرسول صلوات الله عليه واله مكه المشرفه وخرج من مسجد الرسول صلوات الله عليه واله وهو يتمثل بقول ابن مفرغ :

لا ذرعت السوام في فلق الصبح                         مغيرا ولا دعيت يزيدا

     يوم اعطى من المهانه ضيما                          والمنايا يرصدنني ان احيدا

وكثرت الكتب من اهل الكوفه الى الامام الحسين عليه السلام وقالوا له : ان لم تصلنا فأنت اثم فعزم على المسيره اليهم فجاءه عبد الله ابن عباس عليه السلام وقال : ان اهل الكوفه قتلو اباك وخذلوا اخاك وطعنوه وسلبوه واسلموا وعدوه وفعلوا ما فعلوا ، فقال الامام الحسين بن علي عليهما السلام : هذه كتبهم ورسلهم وقد وجب علي المسير لقتال اعداء الله واني لاعلم مايصير اليه امري وامرهم فبكى ابن عباس .

وذكر المسعودي ان ابن عباس قال للحسين سلام الله عليه : إن كرهت المقام بمكه خوفا على نفسك فسر الى اليمن فإنها عزلة ولنا بها انصار واعوان وبها شعوب وقلاع ، واكتب ال اهل الكوفه . فإن اخرجوا اميرهم وسلموها الى نائبك فسر اليهم فإنك ان سرت اليهم اليوم على هذه الحاله لم أأمن عليك منهم فإن عصيتني فاترك اولادك واهلك فإني اخاف عليك وعليهم . فلما يئس ابن عباس رضوان الله عليه من مقام الامام الحسين عليه سلام الله ودعه وهوجارع لفقده .

واتى عبد الله ابن الزبير الى الامام الحسين عليه السلام وقال له : لو اقمت هنا بايعناك فأنت احق من يزيد . وكان يسُر ابن الزبير خروج الامام الحسين من مكه فيخلوا بها ولم يقل له هذه الكلمات الا عندما رآه مجداً على المسير الى العراق ، فقال له الامام الحسين سلام الله عليه : يمنعني من ذلك قول رسول الله صلوات الله عليه واله : انه سيستحل الحرم رجل من قريش ، والله لا اكون ذلك الرجل . صنع الله بي ماهو صانع ، فكان ذلك الرجل الذي استحل الحرم هو عبدالله ابن الزبير .

وبكى محمد ابن الحنفيه عليه السلام لمسير اخيه الحسين عليه السلام ، وسأاله المقام فأبى عليه .وانشد ابيات اخي الاوس  :

سأمضي فما في الموت عار على الفتى

اذا مانوى خيراً وجاهدا مسلما

وواسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مبثورا ، وخالف محرما

فأن عشت لم اذمم ، وان متُ لم آلم

وكفى بك ذُلا ان تعيش ورغما

 

ثم قرأ عليه السلام قول الله تعالى : (وكان أمر الله قدرا مقدورا ) الاحزاب 38 .

واستودع الحسين عليه سلام الله ورصوانه اخاه محمد ابن الحنفيه رضوان الله عليه اهله وشيعته واوصاه ان يسلم الامر لولده زين العابدين عليه سلام الله .

إنها "الحريه " ياقوم انها "الاراده " انها الشجاعه انها القوه انه الايمان والثقه بالله كيف لا وهو ابن اشجع العرب وسيدها بعد رسول الله صلوات الله وسلامه عليهم اجميعن ، اهل بيت النبوه ومنبع النور والطهر والعزه والشرف والايمان .

وكام مخرج الامام الحسين عليه سلام الله من المدينه الى مكه يوم الثامن والعشرين من شهر رجب الاصب سنة 60 للهجره .

ودخل مكه يوم الجمعه في الثالث من شعبان واقام بها شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعده . وخرج سائراً الى الكوفه في السابع من ذي الحجه يوم الثلاثاء  ، وهو اليوم الذي قتل فيه مسلم ابن عقيل رضوان الله عليه في الكوفه .

خرج الامام الحسين عليه السلام سابع ذي الحجه سنة 60 هـ . ولما انتهى الى بستان بني عامر لقى الشاعر الفرزدق وكان ذلك يوم التروية فقال له : الى اين يا ابن رسول الله عن الموسم ؟ فقال مولاي الحسين : لو لم اعجل لأخذت اخذا . فأخبرني يا فرزدق عما وراءك فقال : تركت الناس بالعراق قلوبهم معهم وسيوفهم مع بني اميه ، فإتق الله في نفسك وارجع . فقال عليه السلام : يا فرزدق ان هؤلاء قوم لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعه الرحمن واظهروا الفساد في الارض وابطلوا الحدود وشربوا الخمور واستأثروا بأموال الفقراء والمساكين . وأنا اول من قام بنصرة دين الله وإعزاز شرعه والجهاد في سبيله لتكون كلمة الله هي العليا .

ولم يزل الحسين عليه السلام قاصدا الكوفه مغذا في السير ولا علم له بأمر مسلم بن عقيل رضوان الله عليه وقتله وتفرق اهل الكوفه عنه وتسليمهم اياه .

وقد كان عبيد الله ابن زياد لعنه الله قد ارسل الحر ابن يزيد الحنظلي في خيل وأمره ان يوافق الحسين عليه السلام حتى تأتي عساكر ابن زياد . فوافى الحر ابن يزيد الحسين عليه السلام وبينه وبين القادسيه ثلاثه اميال . فسلم عليه وقال : ابن تريد يابن رسول الله ؟ فقال له : اريد هذا المصر . فقال له الحر : ارجع فوالله ما تركت خيرا خلفي وان اهل الكوفه قد سلموا مسلم ابن عقيل وتفرقوا عنه وانه قد استشهد ومعه هانئ ابن عروه وان ابن زياد قد اعد الجيوش للقاءك . قالوا فهم الحسين عليه السلام بالرجوع وكام معه اخوة مسلم ابن عقيل رضوان الله عليه فقالوا للامام : والله لا نرجع حتى نصيب بثأرنا او نقتل . فقال الامام الحسين علبه السلام لا خير في حياة بعدكم .

روى الواقدي وغيره فقالوا : لما رحل الامام الحسين عليه السلام من القادسيه وقف يختار مكانا لينزل فيه ، واذا سواد الخيل قد اقبل كالليل وكأن راياتهم اجنحه النسور واسنتهم اليعاسيب فنزلوا بقبالتهم ومنعوهم الماء ثلاث ايام . وكان الامام الحسين عليه السلام في خمسة واربعين فارسا ومائه راجل . فلما رأى الجيوش اقبلت مع عمرو ابن سعد بن ابي وقاص وقد ارسلهم اللعين ابن زياد لقتال الحسين عليه السلام وولاه العسكر . فعدل الامام الحسين عليه السلام الى كربلاء واسند ظهره الى قصب وحلف ألا يقاتل إلا من جانب واحد .

ولما ضرب عمرو ابن سعد لعنه الله مضاربه بحيال الحسين عليه السلام ناداهم الحسين عليه سلام الله ماذا تريدون منا ؟ قالو ا : نريد قتلك . قال ولم ؟ قالوا : لأنك جئت لتفسد اهل هذا الكوفه على امير المؤمنين يزيد لعنه الله . قال : ما جئت لذلك . قالوا : بلى بقد صح ذلك عند امير المؤمنين . قال : فأنا انصرف الى المدنيه . قالوا : لا والله لا ندعك ان تنصرف . قال : فأنا امضي الى يزيد حتى اضع يدي في يده . قالوا : لا إلا ان تسلم الينا نفسك فنمضب بك الى الامير ابن زياد لعنه الله فيحكم فيك بحكمه . فلما لم يجد عليه السلام غير ذلك قام خطيباً في اصحابه . فحمد الله سبحانه واثنى عليه وصلى على النبي عليه واله الصلاه والسلام وذكر فضله وقرابته منه ومكانه ، ثم قال : انه قد نزل ما ترون من الامر وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وادبر معروفها وانشمرت وولت حتى لم يبق فيها الا صبابة كصبابة الاناء والا خسيس عيش كالمراعي الوبيل ، الا ترون ام الحق لا يعمل به وان الباطل لا يتنهي عنه ، فليرغب المؤمن الى لقاء الله عز وجل فإني لا ارى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين الباغين الا برما .

ولما علم الامام الحسين بن علي عليه السلام ان القوم قاتلوه لعنهم الله لعنا وبيلا واصلاهم جهنم وساءت مصيرا ، عرض على اصحابه واهله الانصراف وان يتفرقوا ، فبكوا وقالوا قبح الله العيش بدونك ، وسمعته اخته مولاتنا زينب ابنة امير المؤمنين عليهما السلام فقامت تجر ذيولها وتقول : واثكلاه ليت الموت أعدمني الحياه ، اليوم قتل علي اليوم ماتت فاطمه اليوم مات أخي الحسين ، اليوم ياخليفه النبيين والوصيين ياثمال الباقين . وجعل الامام الحسين عليه السلام يصبرها ويعظها .

ولما بان الصباح ونادى المنادي بحي على الفلاح يوم عاشورا من المحرم وهو يوم الجمعه ، عبئ الامام الحسين عليه السلام اصحابه ميمنه وميسرة وقلبا واعطى الرايه وأخاه العباس بن علي (ابو الفضل)  عليه السلام وجعل البيوت والحرم وراء ظهره وأمر بالنار فأشعلت من خلفهم لتحول بينهم وبين من يريد ورائهم ، ثم نادى الحسين عليه السلام اهل الكوفه :

ياشعيث ابن ربعي ، يا حجار بن الحر ، يا قيس ابن الاشعث ، يا زيد ابن الحارث ، يا أهل الكوفه . ألم تكتبوا إلي ؟ فقالوا : لا ندري ما تقول .

قال المسعودي : ولم يشهد قتل الحسين عليه السلام احد من اهل الشام بل كانوا جميعا من اهل الكوفه وكان الحر بن يزيد اليربوعي من سادات الكوفه فقال : بلى والله نحن الذين كاتبناك ، ونحن الذين اقدمناك ، فأبعد الله الباطل واهله ، والله لا اختار الدنيا على الاخره . ثم ضرب فرسه مسرعاً حتى اتى الحسين عليه السلام ، فقال له الحسين : اهلا بك انت الحر في الدنيا والاخره .

ثم ان الحر نادى اهل الكوفه : ويحكم ولا أم لكم انتم الذين اقدمتوه فلما اتى اسلمتوه ، فضار كالاسير ومنعتوه واهله الماء ، وهو تشرب منه اليهود والنصارى والمجوس ، وتلغ فيه الكلاب . بئس ما خلفتم محمد صلوات الله عليه واله في اهله وذريته . اذا لم تنصروه فدعوه يمشي في بلاد الله حيث أحب ، أذا أنتم بالله مؤمنون وبنبوة محمد صلى الله عليه واله مصدقون ، وبالمعاد موقنون .

ثم حمل عليهم وقال : أضرب اعناقكم بالسيف عن خير من حل مني والخيف ، وقتل منهم جماعه حتى تكاثروا عليه فقتل رحمة الله عليه .

وحين رأهم الحسين عليه السلام على البغي مصرين وعن منعه الماء غير ممتنعين ، اخذ المصحف وجعله على رأسه وناداهم فقال : بيني وبينكم كتاب الله وجدي رسول الله صلوات الله عليه واله وسلم . يا قوم بما تستحلون دمي ؟ الست ابن بنت نبيكم ؟ الم يبلغكم قول جدي فيّ وفي أخي . هذان سيدا شباب أهل الجنه ؟

والتفت الامام عليه السلام واذ طفل من اولاده يتلظى عطشاً فأخذه على يده وقال : ياقوم إن لم ترحموني فاحموا هذا الطفل . واقتض القوم وضجوا بين مؤيد ومعارض فقال احد قادة اللعين لاحد الرامين اقطع نزاع القوم ، فأخذ سهم لعنه الله وصوبه سهمه تجاه الرضيع فرماه فقتله . فقال : الامام الحسين عليه السلام : اللهم احكم بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا .

وخفق الامام برأسه خفقه ثم انتبه وهو يقول : رأيت في منامي رسول الله صلوات الله عليه واله وسلم وهو يقول : يا بني اصبر الساعة حتى تأتي الينا . و جعل اصحاب عمرو بن سعد ينادون اصحاب الحسين عليه السلام ويعدونهم الامان ، وكان في من ينادونه علي ابن الحسين الاصغر عليه السلام وكان اخوه علي الاكبر ( زين العابدين) مريضاً . فكان علي الاصغر يقاتلهم وهو يقول :

أنا علي ابن الحسين ابن علي                 نحن بيت الله أولى بالنبي

اضربكم بالسيف أحمب عن ابي               تالله أن يحكم فينا ابن الدعي

يعني بذلك عبيد الله ابن زياد . ولم يزل علي ابن الحسين عليه السلام يحمل فيهم غلى فرسه ويقتل منهم ثم يرجع الى ابيه فيقول : يا ابتي العطش العطش . وكان قد منعوهم عن الفرات كما ذكرنا واجهدهم العطش فيقول الحسين عليه السلام : اصبر حبيبي فلعلك لا تمسي حتى يسقيك جدك رسول اللع ثلوات الله عليه واله ، فلم يزل كذلك يحمل فيهم ويقتل حتى اصاب حلقه سهم رمي به . ويقال انه حمل عليه مُرة بن سعد بن النعمان لعنه الله من عبد قيس فطعنه فأنفذه فأخذ الحسين عليه السلام فضمه اليه وجعل يقول : يا أبتي هذا رسول الله صلوات الله عليه واله يقول لي : عجل بالقدوم علينا . ولم يزل كذلك على صدره عليهما السلام حتى مات رضوان الله ورحمته . فلما نظر اليه عليه السلام ميتاً وقال : على الدنيا من بعدك العفا .

ولم يزل اصحاب الحين عليهما السلام ورحمه الله عليهم اجمعين ورضوانه يقاتلون ويُقتلون من اصجاب عمرو ابن سعد ويقتلون منهم حتى قتلوا اعداد كثيره ثم قُتلوا واحداً واحد .

وفيما رواه اسماعيل ابن اويس عن ابي عبدالله جعفر الصادق عليه السلام انه قال : عبأ الحسين عليه السلام اصحابه يوم الطف ، فأعطى الراية اخاه العباس بن علي (ابو الفضل) سلام الله عليه . وسمي العباس (بالسقاء) لأن الحسين عليه السلام عطش يومئذ وقد منعوه الماء ، فأحذ العباس قربة ومضى نحو الماء واتبعه اخوته ابناء مولانا علي عليه السلام / عثمان وعبدالله وجعفر ، فكشفوا اصحاب عمرو بن سعد عن الماء بعد ان قتلوا منهم كثيراً . وملأ العباس القربة وجاء بها يحملها على ظهره الى اخيه الحسين عليه السلام وقد قُتل اخوته عثمان وعبدالله وجعفر في المعركه رضوان الله عليهم ورحمته . ولم يكن لأحد منهم عقب . فورثهم العباس وقُتل بعدهم يومئذ بعد ان ابلى وحمل كرات فكشفهم عن الماء رضوان الله ورحمته وصلاته وسلامه عليه ، وخلف عبيدالله بن العباس علي ، وبقي محمد وعمرو ابنا علي . وكان العباس وعثمان وجعفر وعبدالله ابناء علي عليه السلام اشقاء وأمهم ام البنين بنت جميل بن خالد بن ربيعه بن الوليد . وكان العباس بن علي عليه السلام يحمل وحده على الذين حالوا دون الماء فيكشفهم عنه ويضرب فيهم حتى ينفرجوا ، فيأتي الفرات فيملأ القربه ويحملها ويأتي بها الحسين عليه السلام فيواسي الاطفال الذين معه بما يجيء به من الماء حتى تكاثروا على العباس عليه السلام واثخن جراحه بالنبل فقتلوه رحمة الله ورضوانه عليه وكان الذي وُلي قتله هو يزيد بن زياد الحنفي . واخذ سلبه حكيم ابن الطفيل الطائي لعنهما الله . وقيل ان الطائي شرك في قتله وقطعوا يديه ورجليه لعنهم الله حقناً عليه لما فعل فيهم . وكان رحمة الله ورضوانه عليه يحمل الماء بين الفرات والسرادق . وقتل العباس بن علي يومئذ وهو ابن 34 سنة وقتل عبدالله ابن علي  وهو ابن 17 عام ، وقتل جعفر بن علي وهو ابن 19 عاما ، وقتل مع الحسين بن علي عليه السلام يوم قتل ابنه علي الاصغر وابنه الرضيع عبدالله الذي رُمي بالسهم  . وامهم الرباب ابنت امرء القيس ابن حارث بن كعب بن عليم بن كلب . وكانت ام سكينه ابنة الحسين عليها السلام ايضا .

وكان الحسين عليه السلام يحبها ويقول فيها :

لعمري أنني لأحب دارا                  تحل بها سكينة والرباب

وقد قيل ان ام علي ابن الحسين الاضغر القتيل بالطف ليست الرباب وانها ليلى ابنة مُرة والله اعلم .

وقتل معه يومئذ ابو بكر ابن الحسين بن علي ابن ابي طالب وامه اُم ولد . رماه حرمله الكاهلي بسهم فأصابه فمات منه وقتل القاسم ابن اخيه الحسن عليه السلام قتله عمرو بن سعيد بن عمرو الازدي لعنه الله .

قال حميد بن مسلم : رأيت القاسم بن الحسن بن علي عليه السلام يوم الطف وقد خرج الينا وهو غلام وكان وجهه شقة قمر وعليه قميص قد انقطع شسع نعله اليسرى فقال لي عمرو بن سعيد وهو الى جانبي : والله لا اقتلنه . قلت ومالذي تريد من قتل هذا الغلام ؟ فلم يلتفت لي ، وحمل اليه فضربه فصرعه فنادى ابو القاسم: ياعماه . فثار الحسين عليه السلام اليه فضرب عمرو بالسيف فاتقاه بيده فأبانها من المرفق وأدبر وحملت عليه خيل الكوفه ليحملوه فحمل عليهم الحسين عليه السلام فنكصوا عنه ووطئوه فقتلوه . ووقف الحسين عليه السلام على ابو القاسم فقال له : عز على عمك يابني ان تدعوه فلا يحيبك او يجيبك فلا ينفعك ، ويلٌ لقوم قتلوك ومن خصمهم فيك يوم القيامه .

ثم امر به عليهما السلام فاحتمل الى الخيام . فكأني انظر اليه ورجلاه يخطان في الارض حتى وضع مع علي ابن الحسين عليهما السلام وسمعتهم يقولون : هذا القاسم بن الحسن ابن علي . وقتل معه يومئذ عبدالله بن الحسن بن علي بن ابي طالب لأم ولد وكان الحسين عليه السلام قد زوجه ابنته سكينه فقتل يومئذ قبل ان يبتني بها . فهؤلاء الذين قتلوا معه واستشهدوا من اولاد اخيه الحسن بن علي عليهم السلام اجمعين ، ولعنة الله على الظالمين لآل رسوله الصادين عن سبيله .

وقتل يومئذ مع الحسين عليه السلام ومن ولد عقيل ابن الي طالب عليه السلام : عبدالرحمن بن عقيل وامه ام ولد وقتله عثمان بن خالد الجهمي لعنه الله ، وعبدالله ابن عقيل وامه ام ولد وقتله عمرو بن صبيح الصداني لعنه الله بسهم رماه به ، وجعفر ابن عقيل وامه ام البنين بن النعمان قتله بشر بن حوط الهمداني لعنه الله ، وعبدالله بن مسلم ابن عقيل وامه بنت علي ابن ابي طالب وقتله عمرو بن صبيح الصداني ويقال اسيد بن مالك لعنهم الله .

وعن ابراهيم بن محمد بإسناد عن محمد بن علي ابن الحنفيه عليه السلام قال : قتل منا مع الحسين علليه السلام تسعة عشر شاباً كلهم ارتكض في جوف فاطمه عليها السلام . وقاتل اصحاب الحسين عليه السلام حتى قُتلوا اجمعين وقَتلوا من الظالمين اعداد كثيره .

وبقي الحسين عليه سلام الله وحده بعد ان استشهد اصحابه ، وكل ما حمل عليه جنود الطغاه المعاندون له حمل عليهم فردهم على الادبار وجد لهم ضرباً بسيفه ذي الفقار .

وروى الزبير بن بكار بإسناد عن المدائني قال : لما قتل حول الحسين عليه السلام جميع من كان معه وبقي الحسين عليه السلام عامة النهار لا يتقدم عليه احد إلا انصرف عنه وكره ان يتولى قتله حتى حمل رجل من كنده يقال له مالك بن بشر فضربه على رأسه الشريف وعليه برنس فقطع البرنس ودخل السيف الى رأسه الشريف فأراده وقال الحسين عليه السلام : لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك الله مع الطالمين . ورمي الحسين عليه السلام بالبرنس ولبس قلنسوه واعتم عليها وتنحى فقعد . واقبل الشمر ابن ذي الجوشن عليه لعنة الله والملائكه والناس اجمعين وترك الحسين عليه السلام ومضى نحو رحله ، واقدموا عليه واحاطوا به فقاتل عليه السلام حتى انكشفوا عنه وقتل منهم جماعه ، ثم تصايح عليه اخرون فأحاطوا به ، قال عبيدالله بن عماره بن يغوث : مارأيت قط اربط جأشاُ من الحسين عليه السلام . قتل ولده وجميع اصحابه واحاطت به الكتائب فوالله لكان يشد عليهم فينكشفوا عنه انكشاف المعزى لما يشد عليها الاسد . فمكث ملياً والناس يدافعونه ويكرهون الاقدام عليه وحرج عليه السلام بالنبل جراحات كثيره وثبت لهم وقد اوهنته الجراح فأحجموا عليه ، فصاح بهم شمر اللعين : ماذا تنتظرون ؟

فتعاوروه بالنبل ثم حمل عليه سنان بن انس النخعي فطعنه فأثبته ، واجهز عليه خولي بن يزيد الاصبحي وقيل ان شمر اللعين اجتز رأسه الشريف واتى به عبيد الله ابن زياد عليهم لعنه الله جميعاً .

فاستشهد صلاة الله ورحمته ورضوانه وسلامه وبركاته عليه يوم عاشوراء الجمعه من شهر محرم اول شهور سنة 61 هـ .

ولما قتل عليه السلام نهبوا عساكر اللعين ما كان في معسكرالحسين عليه السلام وما كان مع اصحابه من الامتعه والاسلحه والمال والكراع وساقوا من كان معهم من الحريم سبايا وكان من الذين اسروا  علي ابن الحسين (زين العابدين ) عليه السلام وكان دنفاً عليلاً وكان عمره 23 سنه وابنه محمد الباقر عليهما السلام معه وكان طفلاً ، والحسن والحسين وعبدالله ابن الحسن والقاسم بن عبدالله بن جعفر وعمرو ابن الحسن ومحمد بن الحسن ومحمد بن عمرو ابن الحسن ومحمد بن عقيل والقاسم بن محمد بن جعفر بن ابي طالب وعبيدالله بن العباس بن عقيل .

ومن النساء : ام كلثوم بنت علي ابن ابي طالب وام الحسن بنت علي ابن ابي طالب وفاطمه وسكينه بنات الحسين بن علي عليهم سلام الله جميعاً ورحمته ورضوانه .

ومضوا بالامام زين العابدين وهو شديد العله ولا يعقل ماهو فيه .

قال الامام زين العادين عليه السلام فمما فهمته وعقلته يومئذ مع علتي وشدتها انه اتي بي الى عمرو ابن سعد لعنه الله فلما رأى ما بي اعرض عني فبقيت مطروحاً لما بي ، فأتاني رجل من اهل الشام فاحتملني فمضى بي وهو يبكي وقال لي : يا ابن رسول الله اني اخاف عليك من  فكن عندي ، ومضى بي الى مقامه فأكرم نزلي . وكان كلما نظر الي يبكي فكنت اقول في نفسي : ان يكن عند احد من هؤلاء خير فعند هذا الرجل . فلما صرنا الى عبيدالله اين زياد سأل عني فقيل قد ترك وطُلبت فلم يجدوني فنادى مناديه انه من وجد عللي ابن الحسين فليأت به وله ثلاثمائه درهم . فدخل علي الرجل الذي كنت عنده وهو يبكي وجعل يقول : يا ابن رسول الله ان سترتك عندي قتلوني واخذي ودفعني اليهم مربوطا ً واخذ الثلاثمائه درهم وانا انظر اليه . ومضى بمولانا زين العابدين عليه السلام الى اللعين ابن زياد ، فلما صار بين يديه قال من انت ؟ قال : انا علي ابن الحسين . قال اولم يقتل الله علي ابن الحسين ؟ قال : كان اخي وقد قتله الناس . قال ابن زياد بل قتله الله ، قال الامام زين العابدين عليه السلام : الله يتوفى الانفي حين موتها . فأمر ابن زياد اللعين بقتل الامام فصاحت مولاتنا زينب عليه السلام : يابن زياد حسبك من دمائنا ، اناشدك الله ان قتلته إلا تقتلني معه . فتركه وحماه الله منه ودفع عنه لما اراد الله تعالى من بقاء كلمة الله فيه وفي عقبه وبقاء الامة في ذريته .

لما بلغ زيد ابن ارقم قتل الحسين عليه السلام قال : فعلوها ؟؟

اشهد لقد سمعت رسول الله صلوات الله عليه واله يقول للحسن والحسين : اللهم اني استودعتك اياهما واستودعتهما صالح المؤمنين .

ثم دخل على ابن زياد لعنه الله فأجلسه معه على سريره ثم اتى برأي الحسين الشريف فوضعه بين يديه وجعل ينكث ثناياه الشريفه بقضيب كان في يده فقال له زيد بن ارقم : نح قضيبك فأني اراك تضعه موضعاً لطالما رأيت رسول الله صلوات الله عليه واله يضع فاه عليه ويقبله ثم وثب من على السرير ووضع يده على الرأس وهو يقول : اللهم اني استودعتك اياه وصالح المؤمنين . والتفت الى القوم وقال : فما حفظتم وديعة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ثم خرج .

فقال له اللعين ابن زياد : انت شيخ قد خرفت .

وبعث ان زياد برأس الحسين الشريف ورؤوس من اصيب معه من ولده واهل بيته ووجه بنسائهم الى يزيد لعنهم الله جميعا.

 

وعن ابي اويس عن ابيه عن جعفر بن محمد الصادق عليهم السلام قال : وُجد في الحسين عليه السلام بعد ان قُتل ثلاثه وثلاثين طعنه ، واربعه واربعين ضربه ووجد في جبة خز كانت عليه مائة خرق وبضعة عشر ما بين طعنة او رميه .

قتل ابن رسول الله ، قتل ابن الكرار ، قتل ابن الزهراء ، قتل ابن خديجه الكبرى ، قتل سيد شباب اهل الجنه ، قتل البطل الشجاع ظُلماً وزوا .

تلك خطيئة ارتكبت في عهد اللعين يزيد ابن معاويه وهي خطئة من خطايا ملأت ما ببين السماوات والارض ولم يرضى بها من يدين بدين الله وان من قتل الحسين سلام الله عليه واعان على قتله هم اهل النار خالدين مخلدين فيها ملعونين في كل مكان وزمان .

وقد قال رسول الله صلوات الله عليه واله لعلي وفاطمه والحسن والحسين سلام الله عليهم ( انا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ) . فهؤلاء هم حزب الله ورسوله الاطهار ومن تولاهم فهو منهم .

كما قال صلوات الله عليه واله في الحسن والحسين ( من ابغضهما ابغضنه ومن ابغضته ابغضه الله واصلاه جهنم وساءت مصيرا ) .

 

فسلام الله ورحمته وبركاته ورضوانه وصلاته عليك يا شهيد كربلاء ويا حفيد رسول رب العالمين وابن وصيه وابن سيدة النساء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق